السؤال :
ما الحكمة من إيجاد الكرام الكاتبين مع أن الله يعلم كل شيء ؟
الجواب :
الحمد لله
" نقول في مثل هذه الأمور : إننا قد ندرك حكمتها ، وقد لا ندرك ، فإن كثيراً من
الأشياء لا نعلم حكمتها ، كما قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ
قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
) الإسراء/85 .
فإن هذه المخلوقات لو سألنا سائل : ما الحكمة أن الله جعل الإبل على هذا الوجه ،
وجعل الخيل على هذا الوجه ، وجعل الحمير على هذا الوجه ، وجعل الآدمي على هذا الوجه
؟ وما أشبه ذلك ، لو سألنا عن الحكمة في هذه الأمور ما علمناها ، ولو سُئلنا : ما
الحكمة في أن الله عز وجل جعل صلاة الظهر أربعاً ، وصلاة العصر أربعاً ، والمغرب
ثلاثاً ، وصلاة العشاء أربعاً ؟ وما أشبه ذلك ما استطعنا أن نعلم الحكمة في ذلك .
وبهذا علمنا أن كثيراً من الأمور الكونية ، وكثيراً من الأمور الشرعية تخفى علينا
حكمتها ، وإذا كان كذلك فإنا نقول : إن التماسنا للحكمة في بعض الأشياء المخلوقة أو
المشروعة ، إنْ مَنَّ اللهُ علينا بالوصول إليها فذاك زيادة فضل وخير وعلم ، وإن لم
نصل إليها ، فإن ذلك لا ينقصنا شيئاً .
ثم نعود إلى جواب السؤال ، وهو ما الحكمة في أن الله عز وجل وَكَّل بنا كراماً
كاتبين يعلمون ما نفعل ؟
فالحكمة من ذلك : بيان أن الله سبحانه وتعالى نَظَّم الأشياء وقَدَّرها ، وأحكمها
إحكاماً متقناً ، حتى إنه سبحانه وتعالى جعل على أفعال بني آدم وأقوالهم كراماً
كاتبين ، موكلين بهم ، يكتبون ما يفعلون ، مع أنه سبحانه وتعالى عالم بما يفعلون
قبل أن يفعلوه ، ولكن كل هذا من أجل بيان كمال عناية الله عز وجل بالإنسان ، وكمال
حفظه تبارك وتعالى ، وأن هذا الكون منظم أحسن نظام ، ومحكم أحسن إحكام ، والله عليم
حكيم .
والله أعلم " انتهى .
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (1/121) .